“وفاة شخص بسبب خطأ طبي”، “شخص يفقد البصر بعد وقوع خطأ طبي”، “الأخطاء الطبية تصيب مريضاً بالشلل”.. كثيراً ما تصادفك مثل هذه الأخبار أو تسمع عنها في محيطك، ولكن هل خطر ببالك أن تسأل “في حال الخطأ الطبي، كيف يكون تصرف القانون؟”، هذا هو السؤال المصيري في الحقيقة لبعض الأشخاص لاسيما ممن تعرضوا بشكل شخصي لهذه الحادثة والذي نتناول شرحه القانوني الشامل خلال هذا المقال!
هل تحتاج لاستشارة قانونية؟تواصل معنا عبر زر الواتساب !
مفهوم الخطأ الطبي:
يفرق القانون الاتحادي رقم 4 للعام 2016 بين المضاعفات الطبية والخطأ الطبي، بأن المضاعفات لا تقوم على مسؤولية الطبيب وتخرج عن نطاق يده، وهي تحصل مع أشخاص دون غيرهم، أما الخطأ الطبي يترتب على تصرف غير صحيح قام به الطبيب نفسه أدى لحدوث خلل لدى المريض وإلحاق الضرر به، وتقع على الطبيب مسؤولية خطئه وإهماله لأمور كان يجب أن يلم بها.
من خلال التفريق السابق يمكن تحديد العناصر الأساسية في مفهوم الخطأ الطبي بأنها:
- إهمال وجهل بأمور طبية من الطبيب.
- تؤدي لحدوث ضرر ما عند المريض.
- يترتب عليه مسؤولية تقع على عاتق الطبيب الذي ارتكبه.
تعريف الخطأ الطبي في الإمارات
وقد عرفت تشريعات دولة الإمارات الخطأ الطبي بأنه:
“خطأ بسبب جهل بأمور فنية يجب على كل من يمارس المهنة الإلمام بها، أو الذي يرجع إلى الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة”.
واستناداً لتعريف المشرع الإماراتي يمكن تحديد النقطة الجوهرية في تحديد مفهوم الخطأ الطبي بأنها “مخالفة” سلوك كان يفترض ألا يخالف.. بمعنى أبسط حين يقصد أي شخص منا الطبيب فهو يقصده لإصلاح ضرر، تحول هذا الإصلاح إلى زيادة في الضرر أو خلق ضرر إضافي هو بالضبط “الخطأ الطبي”.
هناك أيضاً أكثر من معيار لتصنيف الخطأ الطبي، مثل المعيار الشخصي والمعيار الفقهي، والمعيار المجرد، والمعيار القانوني، وغير ذلك وتختلف آلية التعامل لكن بشكل تقريبي فإن المعيار القانوني بالنسبة لدولة الإمارات يجمع أو يلم بين عديد المعايير.
في العام 2019 أضيف على مفهوم الخطأ الطبي الآتي فيما يتعلق بالخطأ الطبي مرتفع الخطورة بأنه يرتبط بواحدة من هذه الحالات:
- الخطأ الطبي الذي يؤدي لوفاة المريض.
- الخطأ الطبي الذي يؤدي لوفاة جنين.
- الخطأ الطبي الذي يؤدي لاستئصال عضو سليم بالخطأ.
- الخطأ الطبي الذي يؤدي لإفقاد عضو سليم وظيفته، مثل فقدان البصر، الشلل، فقدان القدرة الجنسية..الخ.
- الخطأ الطبي الذي يقع نتيجة فقدان الطبيب لعقله خلال العملية مثل أن يكون متعاطياً للمخدرات، أو معملاً بشكل كبير للمريض.
أنواع الخطأ الطبي:
بناء على الإضافة القانونية السابقة، فإن الخطأ الطبي ينقسم إلى نوعين، حيث يتحدد نوعي الخطأ الطبي في:
- الخطأ الطبي الذي يؤدي لحدوث ضرر، وهذا الضرر قد يكون بسيط يمكن معالجته وقد يكون جسيم يلحق أذى كبير في فقدان عضو أو عجزه، أو وفاة حتى.
- الخطأ الطبي باعتباره جريمة وإخلال بشرف المهنة، والذي يحدث في انسياق تام وراء المال، مثل الإهمال لعدم الحصول على رشوة، أو ارتكاب الأذى بشكل عمدي بمعنى التشارك في جريمة مع شخص ضد المريض.
من المهم الانتباه إلى أن عدم تماثل الشفاء لا يعتبر خطأ طبياً ما دام الطبيب قد بذل كل أوجه العناية التي يفترض به أن يبذلها، فالمسؤولية الطبية لا تعني تحقيق الشفاء بقدر ما تدل على الالتزام بالعناية.
العقوبات الجنائية للخطأ الطبي وفق تشريعات دولة الإمارات:
أنا طبيب وارتكبت خطأً طبياً نتيجة جهل فني، أو أنني طبيب ارتكبت ذات الخطأ ولكن بسبب الإهمال.. حالات كثيرة قد يقع بسببها الخطأ الطبي، فهل تستوي العقوبات؟ دعنا نعرف أكثر حول العقوبات الجنائية للخطأ الطبي وفق تشريعات دولة الإمارات…
جرم المشرع الإماراتي الخطأ الطبي واعتبره سلوكاً يقوم على أذى وبالتالي يترتب عليه عقوبات، ويمكن تحديد أبرز العقوبات المتعلقة بالخطأ الطبي وفق المادة رقم 34 من قانون المسؤولية الطبية رقم 4 للعام 2016 في:
- عقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن سنة إضافة إلى الغرامة المالية التي لا تزيد عن 200 ألف درهم أو بواحدة من العقوبتين كل من ارتكب خطأ طبياً جسيماً.
- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبالغرامة التي لا تتجاوز 500 ألف درهم أو بواحدة من العقوبتين إذا ترتب على الخطأ وفاة المريض.
- يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وبالغرامة التي لا تزيد عن مليون درهم إذا ارتكب الخطأ الطبي تحت تأثير سكر أو مخدرات.
بالنظر إلى قائمة العقوبات هذه ودرجاتها يتبين أن قانون المسؤولية الطبية وضع لتحقيق عدة أهداف أساسية هي:
- تحقيق الرعاية للمرضى وضمان حقوقهم.
- رفع درجة الالتزام الطبي.
- التركيز على أخلاقيات المهنة الطبية قبل أي شيء.
- استرداد حقوق المرضى والرعاية الطبية عالية الجودة بهم.
- تحقيق أفضل صورة للأمان الطبي في دولة الإمارات والذي يعكس صورة البيئة الصحية عامة وينعكس على مجالات أخرى عديدة.
مقال هام: دليل يقدم لك استشارة حول دعوى خطأ طبي في دولة الإمارات العربية المتحدة
الآثار القانونية للخطأ الطبي:
من خلال تتبعك للعقوبات المترتبة على ارتكاب الأخطاء الطبية واهتمام المشرع الإماراتي بموضوع يستحق الاهتمام، فالرعاية الطبية أحد معايير تقييم القطاع الصحي في الدولة بأكملها وقبل ذلك، فإن الاهتمام بصحة الإنسان والإعلاء من شأن أخلاقيات المهنة يعكس الأداء القانوني العام.
يمكن تحديد أهم الآثار القانونية للخطأ الطبي وفق القانون السابق في:
- التركيز على تعريف الخطأ الطبي وتصنيفه لدرجات وأنواع، فمن يرتكبه نتيجة جهل بأمر فني بسيط ليس كمن يفعل تحت تأثير مخدر!
- التركيز على التدرج في العقوبات بحيث تلاءم حجم الخطأ وشكله وتصنيفها.
- الاهتمام بإحداث عقوبة لكل من يرتكب خطأً طبياً.
- اعتبار الخطأ الطبي جريمة جنائية يعاقب عليها القانون في دولة الإمارات.
ويضمن ذلك الحد من ارتكاب الأخطاء الطبية، وزيادة التركيز على أخلاقيات مهنة إنسانية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مادية، وتحسين صورة الطبيب الإماراتي وإبقاءها في الريادة محلياً وعالمياً.
مهام لجنة المسؤولية الطبية عند وقوع الخطأ الطبي:
تعتبر لجنة المسؤولية الطبية صاحبة التصرف القانوني الأول عند وقوع الخطأ الطبي، حيث تقوم بمجموعة مهام تتسلسل على التالي:
- أولاً: مراجعة الشكوى الواردة إليها من المجني عليه أو من النيابة العامة.
- ثانياً: الذهاب للمشفى لفحص المريض وتحديد مدى ثبوت ارتكاب الخطأ الطبي عليه.
- ثالثاً: تحديد حجم الخطأ الطبي هل هو بسيط أم جسيم؟.
- رابعاً: تحديد المسؤول عن ارتكاب الخطأ الطبي.
- خامساً: التحقق من ترخيص مزاولة المهنة الممنوح للطبيب.
- وأخيراً: رفع التقرير النهائي للمحكمة المختصة.
اطلع على خدماتنا القانونية، وأخبرنا ماذا تحتاج منها!
وأخيراً، ظاهرة الأخطاء الطبية، الجناية كما يسميها القانون، كثيرة الانتشار في العالم، قد تحدث بأي وقت ومع أي شخص، الأمر الذي استدعى تناولها بنحو واضح يمكن على الأقل من معرفة آلية التصرف القانوني حيالها، ولا تنسَ أننا هنا دائماً لإيصالك مباشرة مع أفضل المحامين المتخصصين والداعمين لقضاياك، كل ما عليك هو إخبارنا بذلك في رسالة عبر زر الواتساب أسفل الشاشة لديك!
اقرأ أيضاً:
انقضاء الدعوى الجنائية في القانون الإماراتي 2024
Was this helpful?
مستشار قانوني أول بخبرة واسعة في تقديم الاستشارات القانونية في دولة الإمارات العربية المتحدة. يتمتع بخبرة متعمقة في القانون المدني والتجاري، ويتعامل مع مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك النزاعات التجارية، عقود الشركات، والتقاضي