التحكيم في العقود الإدارية

دليل شامل عن التحكيم في العقود الإدارية وفقاً للقانون الإماراتي

يعتبر التحكيم إحدى الوسائل البديلة لحل النزاعات، خاصةً فيما يتعلق بالعقود سواء كانت عقود تجارية أو عقود إدارية، ونظراً لطبيعة العقود الإدارية وخصوصيتها، فإنها تحتاج لشروط وإجراءات تحكيمية أكثر صرامة من العقود التجارية. وسنسلط الضوء في مقالتنا على شروط وإجراءات التحكيم في العقود الإدارية، وذلك وفق أحكام القوانين والأنظمة التحكيمية الصادرة في الإمارات بهذا الشأن.

للمزيد من المعلومات، قم بالتواصل مع مكتبنا واستشارة أو توكيل أفضل المحامين المختصين بقضايا التحكيم خاصة في العقود الإدارية.

ما هي العقود الإدارية؟

تعرف العقود الإدارية بأنها العقود التي يتم إبرامها مع شخص اعتباري عام، تكون الغاية منها تسيير مرفق عام، أو تنظيمه، وتظهر فيها نية الإدارة بتطبيق أحكام القانون العام.

كما يمكننا من جهة أخرى أن نوضح مفهوم العقود الإدارية، بأنها العقود التي تتضمن شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص.

ومن التعريف يمكن استخلاص خصائص العقد الإداري على النحو التالي:

  • يجب أن تكون الإدارة، أي الشخص الاعتباري العام، طرفاً في ذلك العقد.
  • يجب أن ينصب موضوع العقد على المرافق العامة، من حيث الإنشاء والتنظيم والتسيير.
  • يجب أن تتبع الإدارة في تنفيذ العقد، الإجراءات الواردة في القانون العام.

ولا بد أيضاً من التمييز بين العقود الإدارية والقرارات الإدارية:

فالعقود الإدارية يتم إبرامها بين طرفين، أحدهما من أشخاص القانون العام، للقيام بخدمات عامة للمواطنين، تتمثل بإدارة استغلال وتسيير المرافق العامة.

بينما القرارات الإدارية، فهي أوامر صادرة فقط عن الإدارة بصفة منفردة، تؤدي لأحداث مراكز قانونية أو تعديل أو إلغاء مراكز قانونية قائمة.

اقرأ أيضاً: كل ما يخص التحكيم في المنازعات الإيجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة! 

مفهوم التحكيم وفقاً للقانون الإماراتي

عرفت المادة الأولى من قانون التحكيم الإماراتي الصادر بالقانون الاتحادي رقم 6 لعام 2018 التحكيم بأنه:

وسيلة ينظمها القانون، يتم من خلالها الفصل بحكم ملزم في نزاع بين طرفين أو أكثر، بواسطة هيئة التحكيم بناء على اتفاق الأطراف على ذلك.

وبالتالي فإن التحكيم يعتبر وسيلة بديلة لحل النزاعات بين الطرفين، بموجب الاتفاق بينهما على شروط التحكيم، بحيث يصدر الحكم عن هيئة التحكيم المختارة، ويكون ذلك الحكم ملزماً للطرفين.

وأغلب ما يتعلق التحكيم بحل النزاعات التجارية، وخاصة النزاعات التي تنشأ بين أطراف العقود التجارية.

ويمتد التحكيم أيضاً إلى حل المنازعات الناشئة بشأن العقود الإدارية، خاصة إذا كان موضوع تلك العقود تسيير مرافق عامة، أو تحقيق مصلحة عامة، أو تقديم خدمات للجمهور.

أهمية التحكيم في العقود الإدارية

تكمن أهمية التحكيم في العقود الإدارية لكونه وسيلة فعالة لتسوية النزاعات في العقود الإدارية، إذ ينطوي التحكيم على إجراءات أسرع وأيسر من إجراءات التقاضي أمام القضاء العادي.

كما أن التحكيم يتيح لأطراف النزاع اختيار هيئة التحكيم التي ستتولى الفصل في الخصومة بينهما، وكذلك تحديد شروط التحكيم، بحيث لا تخالف الأنظمة والقوانين في الإمارات، أو الآداب العامة أو النظام العام فيها، وكذلك تحديد المحكمين ذاتهم وتحديد إجراءات التحكيم.

بينما إذا ذهب الخصوم إلى القضاء العادي، أي المحاكم المختصة بالنظر في النزاع الناشئ بينهما، لن يكون بإمكانهما اختيار القضاة، أو إجراءات المحاكمة.

وبالتالي سيتم الفصل في النزاع الناشئ بينهما، دون أن يكون لهما أي دور فيه، إلا بما يقدمانه من دفوع وفق ما تقتضيه القوانين والأنظمة النافذة أمام القضاء الإماراتي.

أطر قانونية للتحكيم في العقود الإدارية 

أكد قانون التحكيم الإماراتي على ضرورة أن يكون هناك اتفاق تحكيم بين الأطراف المتنازعة، ليتم اللجوء إلى التحكيم قبل القضاء.

حيث عرفت المادة الأولى من قانون التحكيم الإماراتي، اتفاق التحكيم بأنه اتفاق الأطراف على اللجوء إلى التحكيم، سواء تم ذلك الاتفاق قبل حدوث النزاع بينهما أو بعد ذلك.

كما حددت المادة 5 من قانون التحكيم، صور اتفاقية التحكيم على النحو التالي:

  • اتفاق تحكيم سابق على قيام النزاع، ويأخذ شكلين، إما باتفاق تحكيم مستقل بذاته، أو ورود بند التحكيم في العقد المبرم ما بين الطرفين لحل تلك المنازعات.
  • اتفاق تحكيم بعد قيام النزاع، حتى ولو كانت الدعوى مقامة أمام المحكمة.

ويعتبر اتفاق التحكيم هاماً جداً، وأهم ما فيه شروط التحكيم التي يتفق عليها الطرفان، إذ تعتبر تلك الشروط البوصلة التي سيعتمد عليها المحكمين في حل النزاعات بين الطرفين.

ويجب أن يتم صياغة اتفاقية التحكيم بطريقة تعبر عن إرادة الطرفين، وأن تتضمن كافة الشروط والإجراءات اللازمة بشأن التحكيم، بشرط ألا تخالف القوانين الإماراتية والنظام العام والآداب العامة فيها.

وأن أهم النقاط التي يجب التركيز عليها في اتفاقية التحكيم، تحديد عدد المحكمين وكيفية اختيارهم، ومدة التحكيم، والإجراءات الواجبة في التحكيم.

شروط التحكيم في العقود الإدارية

هناك شروط يجب توافرها في التحكيم بشأن العقود الإدارية، تتمثل بما يلي:

  • يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا اعتبر باطلاً.
  • يجب أن يتم إبرام اتفاق التحكيم من قبل الشخص الطبيعي الذي يتمتع بأهلية التصرف في الحقوق.
  • إذا كان أحد أطراف التحكيم شخصاً اعتبارياً، يجب أن يتم توقيع اتفاق التحكيم من قبل المفوض في إبرام الاتفاق على التحكيم.
  • لا يجوز الاتفاق على التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح.
  • لا ينقضي اتفاق التحكيم بوفاة أحد الأطراف، ويمكن تنفيذه بواسطة الخلف القانوني لذلك الطرف، ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
  • يشترط في المحكم المسمى من قبل أطراف التحكيم، أن يكون شخصاً طبيعياً غير قاصر أو محجور عليه، أو محروم من حقوقه المدنية بسبب إشهار إفلاسه ما لم يرد له اعتباره، أو بسبب الحكم عليه بجناية أو جنحة مخلة بالشرف والأمانة.
  • يجب أن يكون عدد المحكمين فرداً، أي محكم واحد أو ثلاثة أو خمسة وهكذا……. وذلك لترجيح التصويت على القرار الصادر بشأن التحكيم.

إجراءات التحكيم في العقود الإدارية

يمكن لأطراف التحكيم الاتفاق على إجراءات التحكيم في العقود الإدارية، بشرط ألا تخالف القوانين الإماراتية، وبالأخص قانون التحكيم الإماراتي، وألا تخالف الآداب العامة والنظام العام في الإمارات.

وبالعودة لقانون التحكيم الاتحادي الإماراتي رقم 6 لعام 2018، فإنه يمكن استخلاص إجراءات التحكيم في العقود الإدارية على النحو التالي:

  1. يتم العودة إلى اتفاق التحكيم المبرم ما بين الطرفين، والذي قد يكون بنداً ضمن العقد المرتب للالتزامات على كل منهما، أو بموجب اتفاق مستقل سابق لحدوث النزاع، أو بعد حدوث النزاع.
  2. يتم التواصل مع المحكمين المراد تسميتهم للتحكيم وفقاً للعدد المتفق عليه في شروط اتفاقية التحكيم.
  3. إذا ما كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين، فإن كل طرف يختار محكم من طرفه، ثم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث.
  4. في حال عدم الاتفاق على تسمية المحكمين، يمكن الطلب من المحكمة أن تتخذ الإجراء اللازم لإتمام تشكيل وتعيين أعضاء هيئة التحكيم.
  5. يمكن للأطراف أن يتفقوا على اعتماد إحدى المؤسسات المختصة بالتحكيم في الإمارات لإجراء التحكيم اللازم فيما بينهما.
  6. يحق لهيئة التحكيم أن تدخل أي طرف في خصومة التحكيم، سواء بطلب من أحد الأطراف أو من الطرف المتدخل.
  7. يتوجب على هيئة التحكيم اتباع الإجراءات المحددة في اتفاق التحكيم، وإذا لم يوجد اتفاق، فإن لهيئة التحكيم أن تحدد الإجراءات المناسبة في ذلك.
  8. تقوم هيئة التحكيم بإعلان الأطراف وفق الأحكام المقررة بشأن الإعلانات في قانون الإجراءات المدنية الإماراتي.
  9. يتوجب على من يرى مخالفات لاتفاق التحكيم من قبل المحكمين، أن يعترض على تلك المخالفة خلال سبعة أيام من تاريخ علمه بها، فإذا لم يعترض عليها، فإن ذلك يعد تنازلاً منه عن حق الاعتراض بشأنها.
  10. تعامل هيئة التحكيم أطراف التحكيم على قدم المساواة، ويحق لكل منهم تقديم دفوعه وطلباته.
  11. يتم البدء بإجراءات التحكيم من اليوم التالي لاكتمال تشكيل هيئة التحكيم، ويعد الإعلان بطلب التحكيم بمثابة رفع الدعوى.
  12. تتم إجراءات التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.
  13. يحق لطرفي نزاع تقديم المذكرات وكافة المستندات المؤيدة في دعواهم.
  14. تكون جلسات التحكيم سرية ما لم يتفق على خلاف ذلك.
  15. يحق لهيئة التحكيم الاستعانة بالخبراء كما يحق لهم سماع الشهود، ويحق لهم أيضاً طلب المساعدة من المحكمة للحصول على أية أدلة تفيد التحكيم.
  16. تصدر هيئة التحكيم الأحكام الوقتية والجزئية، وبمجرد انتهاء المرافعات تصدر هيئة التحكيم حكمها النهائي في النزاع.

تنفيذ الأحكام التحكيمية

تصدر الأحكام التحكيمية عن هيئة التحكيم بشكل مكتوب وفقاً لرأي الأغلبية، وإذا ما خالف أحد المحكمين، يتوجب ذكر رأيه المخالف في حكم التحكيم.

ويجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً أي معللاً، وشاملا على أسماء الخصوم وعناوينهم، وأسماء المحكمين وجنسياتهم وعناوينهم، ونص اتفاق التحكيم، ومنطوق الحكم وأسبابه.

كما نصت المادة 52 من قانون التحكيم الإماراتي على القوة الإلزامية لحكم التحكيم، إذ يعتبر حكم التحكيم الصادر وفق أحكام القانون ملزماً للأطراف، ويحوز حجية الأمر المقضي.

وبالتالي فإن حكم المحكمين يكون له ذات القوة التنفيذية، كما لو أنه صدر عن المحكمة، إلا أنه يشترط لتنفيذ ذلك الحكم، الحصول على قرار بالمصادقة عليه من قبل المحكمة.

مزايا وعيوب التحكيم في العقود الإدارية

هناك مزايا وعيوب للتحكيم يجب دراستها بشكل تفصيلي، قبل اللجوء إليه ومعرفة إمكانية إجراء التحكيم أم لا.

مزايا التحكيم في العقود الإدارية

  • يعتبر اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية وسيلة سريعة لفض المنازعات بشأن تلك العقود، خاصة أن اللجوء للقضاء فيما يتعلق بالعقود الإدارية، يستغرق وقتاً طويلاً، لكون الإدارة العامة طرفاً في ذلك العقد.
  • مقدرة أطراف النزاع على التحكم في إجراءات التحكيم، من خلال تحديد تلك الإجراءات، بشرط ألا تخالف النظام العام والآداب العامة في الإمارات، أو القوانين الإماراتية.
  • يمنح التحكيم في العقود الإدارية أطراف النزاع حرية اختيار المحكمين وتشكيل هيئة التحكيم.
  • تتم إجراءات التحكيم بشكل سري بعكس إجراءات المحاكمة.
  • يوفر التحكيم في العقود الإدارية الكثير من الوقت والمال والجهد، ويعتبر أكثر مرونة من القضاء.

 عيوب التحكيم في العقود الإدارية

  • التكلفة العالية لأتعاب التحكيم التي يتحملها طرفا نزاع، بخلاف التكاليف القضائية التي تكون أقل.
  • يعتبر القضاء أكثر أماناً لحل الخصومات بين المتنازعين بخلاف التحكيم الذي قد لا يحقق العدالة بينهما.
  • قد يكون بعض المحكمين غير مؤهلين للقيام بالتحكيم، نتيجة عدم درايتهم بكيفية إجراءات التحكيم وإدارة المسائل التحكيمية.
  • خطورة التنفيذ بالنسبة لأحكام المحكمين، خاصة إذا رفض الطرف المحكوم عليه التنفيذ، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى اللجوء للقضاء، للقيام بالإجراءات القضائية الواجبة في التنفيذ.

اقرأ أيضاً: التحكيم التجاري الدولي في دولة الإمارات العربية المتحدة

الأسئلة الشائعة

ما هي الحالات التي لا يجوز فيها التحكيم؟

إن المسائل التي لا يجوز فيها التحكيم، هي المسائل التي تتعلق بالنظام العام، والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح، كالجرائم، والمنازعات المتعلقة بالجنسية، ومسائل الأحوال الشخصية كالطلاق والنسب والإرث والنفقة.

ما الفرق بين التحكيم وعقد الصلح؟

يتمثل الفرق بين التحكيم وعقد الصلح، في أن التحكيم اتفاق بين الأطراف على حل النزاعات الناشئة بينهما عن طريق هيئة التحكيم، أما عقد الصلح فهو الاتفاق الذي يتم بين طرفي النزاع لإنهاء ذلك النزاع بينهما، أي بمعنى أن التحكيم يتم عبر تحديد طرف ثالث لحل النزاع بين الطرفين، أما في عقد الصلح فيتفق الطرفان على حل النزاع بينهما بشكل مباشر.

هل يمكن إلزام الجهات الإدارية بالتحكيم؟

لا يمكن إلزام الجهة الإدارية بالتحكيم، إلا إذا كان هناك اتفاق بين الطرفين على ذلك التحكيم، وهذا ما نص عليه قانون التحكيم الإماراتي، إذ أوجب أن يكون هناك اتفاق تحكيم بين الأطراف، ليتم اتخاذ الإجراءات المقررة بشأنها.

ما هي مدة إجراءات التحكيم في العقود الإدارية؟

إن مدة إجراءات التحكيم في العقود الإدارية تختلف تبعاً للدفوع التي قدمها كل طرف، وغالباً ما يتم النص في اتفاق التحكيم على المدة اللازمة لإنهاء ذلك التحكيم، فقد تكون شهر أو ستة أشهر بحسب الحال، ويجب التقيد بها خاصةً إذا كان الشرط ينص على أنه في حال لم يُحل النزاع خلال المدة المقررة باتفاق التحكيم، فإن التحكيم يعتبر منتهياً، ويتم عندئذٍ اللجوء إلى القضاء.

هل يمكن الطعن في الأحكام التحكيمية؟

يمكن الطعن في الأحكام التحكيمية، وهذا ما نصت عليه المادة 53 من قانون التحكيم الإماراتي، بأنه يمكن الاعتراض على حكم التحكيم بموجب رفع دعوى بطلان إلى المحكمة، أو أثناء نظر طلب المصادقة على الحكم، ويتوجب على من يطعن في الأحكام التحكيمية، أن يسوق الأسباب الموجبة لاعتراضه على ذلك الحكم.

اقرأ أيضاً:  ما هي إجراءات التحكيم في دولة الإمارات العربية المتحدة


وفي نهاية مقالتنا عن التحكيم في العقود الإدارية، والتي وضحنا فيها شروط وإجراءات ذلك التحكيم، والمزايا والعيوب المتعلقة به، مع ضرورة الاستعانة بمحامٍ مختص بالتحكيم من قبل مكتبنا وذلك لصياغة اتفاقية التحكيم متضمنة شروط الطرفين ورؤيتهم.

المصادر:

Was this helpful?

Thanks for your feedback!
احجز استشارة