إن قضايا السب والقذف تعتبر من القضايا الجزائية الدقيقة، لصعوبة إثبات وقوع ذلك السب والقذف، لأنه ناتج عن كلام، ولا تظهر له آثار مادية، ومن الأفضل لمن يتعرض للسب والقذف أن يتقدم بشكوى أو ادعاء ضد الجاني، وأن يوكل محامي مختص بتلك القضايا. وبالمقابل، من يتم اتهامه بقضية سب وقذف، يتوجب أن يوكل أيضاً محامي للدفاع عنه بشأن تلك القضية، فالمحامي لديه المقدرة على تقديم أدق مذكرة دفاع في السب والقذف متضمنة كافة الأوجه اللازمة للدفاع عن موكله.
فهرس المقال
عناصر مذكرة الدفاع القوية
إن تقديم مذكرة دفاع في السب والقذف، بحيث تكون قوية، وتؤدي إلى النجاح في كسب تلك القضايا، يتطلب توافر عناصر في تلك المذكرة وتدعيمها بالأدلة الصحيحة، ومن عناصر مذكرة الدفاع القوية:
- تحديد اسم المحكمة الجزائية المختصة بنظر الدعوى.
- تحديد الدعوى المقدمة بشأنها مذكرة الدفاع برقمها وتاريخها وبيانات أطرافها المدعي والمدعى عليه.
- تحديد العناصر الجرمية التي تم إسنادها إلى المتهم.
- تفنيد وتحليل تلك العناصر الجرمية المتهم بها الموكل وفقاً لقانون الجرائم العقوبات الإماراتي وبيان عدم صحتها.
- تقديم الدفوع ببطلان الإجراءات الشكلية التي تمت أثناء التحقيق والمحاكمة، أو مخالفتها في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي.
- تقديم الأدلة على نفي التهمة عن المتهم من جهة، أو بيان أسباب تخفيف أو الإعفاء من العقوبة من جهة أخرى.
- إثبات إن الجريمة قد سقطت بالتقادم نتيجة مضي أكثر من خمس سنوات عليها، أو إنها انقضت بأحد أسباب الانقضاء، أو أن الحكم الصادر بشأنها سقط بالتقادم.
اقرأ أيضاً: عقوبة السب والقذف عن طريق التليفون في الإمارات
أهمية مذكرة الدفاع في قضايا السب والقذف
نظراً لحساسية قضايا السب والقذف، وصعوبة إثباتها، خاصة إذا ما تم السب والقذف وجهاً لوجه دون حضور شهود، أو كان حاضراً بعض الأشخاص، إلا أنهم رفضوا الإدلاء بالشهادة، أو أنهم تواطئوا مع الجاني أو المجني عليه.
كما أن السب والقذف يعتبر من أكثر القضايا التي تشمل الاتهامات الكيدية، فقد يتهم شخص شخصاً آخر بأنه سبه وشتمه أو قذفه، للكيد به فقط.
وهنا قد يقع للمتهم أمور لا تحمد عقباها، إذا ما تم توصيف جريمته على أنها قذف، أو إذا ما تم توصيف جريمته على أنها مشددة لأحد أسباب التشديد.
لذلك تتطلب تلك القضايا مهارات قانونية عالية للدفاع عن المتهم، مما يحتم ضرورة توكيل محامي مختص بتلك القضايا، يكون قادراً على تقديم مذكرة دفاع في السب والقذف تتسم بالقوة والرصانة، ومؤيدة بالأدلة الصحيحة الدامغة من نصوص قانونية واجتهادات قضائية وأدلة إثبات مادية.
فلا شك بأن توصيف الجريمة على أنها سب أهون من توصيفها على أنها قذف، وبالمقابل فإن توصيف الجريمة على أنها سب أو قذف لشخص، دون معرفة صفته بأنه موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، أهون من توصيف الجريمة على أنها سب وقذف بحق موظف عام أثناء تأدية خدمته.
وكذلك الأمر إذا تم إثبات السب والقذف قد وقع نتيجة إبلاغ السلطات القضائية والإدارية بحسن نية، خاصةً فيما يتعلق باتهام موظف عام ارتكابه لإحدى الجرائم المتعلقة بالوظيفة.
لأجل ذلك كله، يتوجب على كل من يتم اتهامه بجريمة سب وقذف، أن يبادر لتوكيل محامي جنائي مختص لتقديم مذكرة دفاع في السب والقذف، لأن المحامي أكثر على معرفة النصوص القانونية التي تؤدي إلى تكييف الجريمة المرتكبة بطريقة تؤدي لتبرئة المتهم، أو تخفيف العقوبة المقررة بشأنها، بل وحتى إعفاء الجاني المتهم من العقاب.
اقرأ أيضاً: كل ما يجب معرفته عن تعويض البراءة من قضية السب والقذف فى الامارات
أخطاء شائعة يجب تجنبها في مذكرات الدفاع
إن مذكرات الدفاع التي يتقدم بها المحامي للدفاع عن موكله المتهم، تلعب دوراً هاماً في حسم القضية، لأن أي كلمة أو عبارة يدرجها المحامي في مذكرات دفاعه تعتبر حجة عليه، كما تعتبر حجة له.
وهناك أخطاء شائعة فيما يتعلق بمذكرة دفاع في السب والقذف، فقد يدرج المحامي الوكيل دفوع دون إثباتها، فتعتبر المحكمة أن كلامه مرسل لا قيمة له.
كما أن المحامي قد يدفع بأن الجريمة المسندة إلى المتهم لا تتعلق بخدش شرف أو اعتبار المجني عليه، وإنما أسند له واقعة صحيحة، مما يؤدي لاعتبار الجريمة قذفاً وليس سباً، مما يوقع عقوبة أشد بحق المتهم.
أو أن المحامي يغفل الدفاع عن موكله، بأن جريمته سقطت بالتقادم، من خلال إهماله وعدم انتباهه، بأن الادعاء بالجريمة قد وقع بعد مضي مدة أكثر من خمس سنوات على ارتكاب الجريمة، أو أن يعجز المحامي عن إثبات حسن النية لدى المتهم في إبلاغ السلطات القضائية والإدارية.
نماذج لمذكرات دفاع ناجحة
هناك العديد من مذكرات الدفاع الناجحة في قضايا السب والقذف، يمكن الاعتماد عليها للدفاع عن الموكل، ونذكر منها:
تقديم مذكرة دفاع في السب والقذف، بحيث تتضمن أن الواقعة التي تم إسنادها لموظف عام أو مكلف بخدمة عامة، تعتبر صحيحة ومتصلة بالوظيفة أو الخدمة العامة، وهنا تنتفي جريمة السب والقذف، بشرط إثبات ذلك.
ومن مذكرات الدفاع الناجحة، بيان أن الواقعة المتهم بها الموكل قد سقطت بالتقادم نتيجة مرور خمس سنوات على تلك ارتكاب تلك الجريمة، أو أن الدعوى انقضت بأحد أسباب الانقضاء الواردة في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي.
وكذلك يعتبر من مذكرات الدفاع الناجحة، عدم اعتبار بأن هناك جريمة سب أو قذف فيما تضمنه دفاع الخصوم الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم وجهات التحقيق، بشرط أن يكون في حدود حق الدفاع، إذا أن المحامي الناجح يستطيع إثبات ذلك.
ومن مذكرات الدفاع الناجحة أيضاً، نفي الظروف المشددة المتعلقة بجريمة السب والقذف، وأن المتهم حين سب المجني عليه، لم يعلم بأنه موظف عام، ولم يشتمه نتيجة سبب يتعلق بالوظيفة العامة.
ما هو السب والقذف؟
إن جرائم السب والقذف، هي من الجرائم الجزائية التي تقع على السمعة، حيث صنفها قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي ضمن الفصل السادس المتعلق بالجرائم الواقعة على السمعة، ومضيفاً إليها جريمة إفضاء الأسرار.
وقد ميّز قانون الجرائم العقوبات الإماراتي بين جريمة السب وجريمة القذف على النحو التالي:
جريمة القذف تتمثل في قيام الجاني بإسناد واقعة إلى المجني عليه بإحدى طرق العلانية، من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء.
أما جريمة السب فتتمثل بقيام الجاني برمي المجني عليه بإحدى طرق العلانية بما يخدش شرفه واعتباره، دون أن يتضمن ذلك إسناد واقعة معينة.
وبالتالي فإن معيار التمييز بين السب والقذف، يتمثل بإسناد واقعة من قبل الجاني من شأنها أن تجعل المجني عليه محلاً للعقاب أو للازدراء، بينما جريمة السب تتضمن إطلاق عبارات تؤدي لخدش شرف أو اعتبار المجني عليه.
فإذا كانت الأقوال التي أطلقها الجاني تؤدي إلى اتهام المجني عليه بإحدى الجرائم التي قد تؤدي إلى إيقاع العقوبة به، أو أن تجعله محلاً للازدراء والاحتقار في مجتمعه، فإن ذلك يعتبر قذفاً.
وأما إذا كانت العبارات فقط تخدش شرف أو اعتبار المجني عليه، وتؤدي للتقليل من شأنه، فإن ذلك يعتبر سباً.
ونذكر كمثال توضيحي حالة الموظف العام للتمييز بين القذف والسب ما يلي:
فإذا ما قام الجاني بإسناد واقعة الرشوة إلى الموظف العام، فقال له: أنت موظف مرتشي، فإن ذلك يعتبر قذفاً، لأن الاتهام بالرشوة يجعل الموظف عرضة للعقاب.
وأما إذا قال له: أنت شخص سيء، أو اللعنة عليك وعلى عملك، وما إلى ذلك من تلك العبارات، فإن ذلك يعتبر سباً.
عقوبات السب والقذف في الإمارات
إن التمييز ما بين السب والقذف في قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي، يؤدي إلى التمييز بشأن العقوبة المقررة بشأن كل منهما، ولذلك نجد بأن عقوبة السب والقذف مختلفتان عن بعضها بالشدة.
فقد نصت المادة 425 من قانون الجرائم العقوبات الإماراتي على عقوبة القذف، والمتمثلة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين، أو بالغرامة بما لا يزيد على 20,000 درهم.
مع تشديدها إذا وقعت بحق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، أو كان القذف ماساً بالعرض وخادشاً لسمعة العائلات، أو كان لتحقيق غرض غير مشروع، أو وقع بطريقة النشر في إحدى الصحف والمطبوعات.
بينما نصت المادة 426 من قانون الجرائم والعقوبات الإماراتي على عقوبة السب، المتمثلة بالحبس مدة لا تزيد على سنة، أو بالغرامة التي لا تزيد على 20,000 درهم.
مع تشديد تلك العقوبة لتصل إلى الحبس مدة لا تزيد على سنتين، والغرامة بما لا يقل على 20,000 درهم ولا يزيد على 50,000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا وقع السب بحق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة، وكان ماساً بالعرض أو خادشاً لسمعة العائلات، أو وقع بطريق النشر في إحدى الصحف والمطبوعات.
وأما عقوبة السب والقذف الذي يقع عن طريق الهاتف، فقد جعل المشرع الإماراتي ذات العقوبة لهما، والمتمثلة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، أو بالغرامة بما لا يزيد على 5000 درهم، مع تشديدها وفق الظروف الواردة في المادتين 425 و426.
بينما عقوبة السب والقذف وجهاً لوجه مع المجني عليه دون حضور أحد، أو برسالة مكتوبة يرسلها الجاني إليه، فتتمثل بالغرامة بما لا يزيد على 5000 درهم، مع تشديدها وفق الظروف الواردة في المادتين 425 و426.
الأسئلة الشائعة
هل يمكنني الدفاع عن نفسي بدون محامي في قضية سب وقذف؟
أوجب المشرع الإماراتي في القضايا الجزائية الدفاع عن المتهم من قبل محامي مرخص، فإذا ما تم عرض القضية على المحكمة، ولم يكن هناك محامي موكل عن المتهم، فإن المحكمة ستندب أحد المحامين للدفاع عنه.
ما هي مدة الإجراءات القضائية في قضايا السب والقذف؟
إن مدة الإجراءات القضائية في قضايا السب والقذف تبدأ من التحقيق الذي يجب أن يتم خلال 24 ساعة، فإذا تبين بأن هناك دلائل على ارتكاب الجريمة، فإن قاضي التحقيق سيأمر بحجزه لمدة 7 أيام، وبعد التحقيق مع المتهم وإدانته بالجريمة ثم إحالته إلى المحكمة الجزائية، حيث نعقد جلسات المحكمة والتي قد تطول أو تقصر تبعاً للدفوع المقدمة من كل طرف.
هل يمكن التوصل إلى تسوية في قضايا السب والقذف؟
تعتبر جرائم السب والقذف من الجرائم التي تستوجب تقديم شكوى من المجني عليه، وقد أكد قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي على أنه يمكن لمن يتقدم بتلك الشكوى أن يتنازل عنها، قبل أن يصدر في الدعوى حكم بات، فتنقضي الدعوى الجزائية بذلك التنازل.
ما هي أسباب البراءة في السب والقذف؟
إن من أسباب البراءة في قضايا السب والقذف، تتمثل بعدم إثبات وقوع السب والقذف، أو أن السب والقذف وقع نتيجة دفاع الخصوم الشفوي والكتابي أمام المحاكم، وذلك في حدود حق الدفاع، أو أن ذلك القذف والسب وقع نتيجة إبلاغ السلطات القضائية والإدارية بحسن نية، بأمر يستوجب مسؤولية الفاعل.
وفي نهاية مقالتنا عن مذكرة دفاع في السب والقذف، والتي وضحنا أهمية تقديم مذكرة متكاملة وقوية ليحصل المتهم على حكم بالبراءة، أو أن تخفف عقوبته أو يتم إعفاءه منها، وهذا ما يمكنك الحصول عليه من خلال توكيل المحامي الجنائي المختص من قبل مكتبنا.
المصادر:
Was this helpful?
مستشار قانوني أول بخبرة واسعة في تقديم الاستشارات القانونية في دولة الإمارات العربية المتحدة. يتمتع بخبرة متعمقة في القانون المدني والتجاري، ويتعامل مع مجموعة واسعة من القضايا بما في ذلك النزاعات التجارية، عقود الشركات، والتقاضي
